الصدفة.. مكيدة تختارنا هي للوقوع في فخّها، ثم نغرق في الدهشة بها حتى نظن أنها معجزتنا وخرافتنا التي لا يملكها أحدٌ سوانا!
اللمس.. مكيدةٌ من الجِلد والعصب ونبض أسرع. اللمس قدحة عفوية لكهرباء غريبة، تخلق في داخلها كلاماً بلغةٍ أخرى ليست لغة الصوت، بل تحتها، وتخلق سمعاً آخر ليس سمع الصوت، بل تحته!
الصوت.. مكيدة معلقةٌ بآذاننا كالأقراط. الصوت اقتراحٌ مليء بالأحلام الخجولة !
مكيدة الشوق.. تحيك شراكاً من اللهفة واستعداء الوقت. الشوق اضطراب في قياس الزمن والإحساس به، إما أن يصير خاطفاً للحد الذي لا يكفي لإكمال حكاية واحدة بين اثنين، وإما أن يصير بطيئاً لدرجة الوقوع في اليأس من أن أحداً ينتظره أحدٌ آخر سيأتي!
مكيدة الرغبة.. شيءٌ يخرج من العتمة. يسيح في كل خليةٍ وشريانٍ وعظمٍ. مكيدةٌ تجعل الجسد يانعاً أكثر، وترقطه بالبريق من كل ناحية. يصبح الجسد شعلةً شفافة تحركها نفخة، وتطفئها نفخة!
مكيدة الأنا.. سؤالٌ ترجم به الخيبةُ على طمعِ الغريزة فلا ينخدش الجسد، لكن شيئاً ما في الروح، يطقطق فيه شرخ صغير، ثم يكبر ويكبر، حتى يصير كسراً. الأنا واحدة جداً، لكنها تقسم كل شيءٍ إلى اثنين!
الغياب.. مكيدةٌ تعيسة في أولها، ثم يصير الغياب نفسه كهفاً آمنا، لا يصل إليه الآخرون!
الحنين.. وهذه المكيدة رهيبةٌ كثيراً، وضحاياها ليس لهم عدد. الحنين يعصر كل ثانيةٍ ودقيقة وساعة، ينهش ذاكرة النفس لا ذاكرة المخ، الحنين مكيدة مغروسة في كل قصةٍ كنابين!
العناد.. مكيدة القارب الأخير. العناد يسلخ العالق بالروح من الأغنيات والقبل والكلام. يطعن الصدفة الأولى في ظهرها، ويشنق أول لمسة وأول صوت بحبلٍ واحد، ولا يترك لا للشوق ولا للرغبة أنفاً ولا فماً ولا عينين!
الوفاة.. الوفاة ليست مكيدة، إنها نقطة، أو شيء يشبه استيقاظاً مقلوباً، مثل أن تقوم من نومك بعد العصر، وقد نسيت أصلاً متى نمت، فتعتقد بسذاجة أنك في الصباح، أو أنها - أي الوفاة - تشبه أنك كنت في عبث ليس له أي منطق ولا مبرر، فإذا صحوت قلت بصوت واضح "أوووه كنت نائماً" وضحكت كثيراً من نفسك ومن الحلم!.
الكاتب: عبدالله ثابت