في صباح يوم جديد.. بين نسمات هواء تتشققها أشعة شمسٍ لتُشرق وتستَنير...
أُواصِل بحثي عن شيءٍ مميّزٍ جميل.. علّني أعثُر ما أبحث عنه منذ دهر طويل...
بدأت عيناي تراقبُ ما يُحاصرني.. وجدت قلمًا.. ورقـة.. نافذة وزهور ونباتات...
ولكن.. أشعر أن عينيّ تكذب فيما تنقله لي من صـور.. وجدت زهــرة...
زهـرة غريبــة نوعًا ما في تكوينها.. وحتى في لونها...دققتُ الرؤيـة في هذه الزهــرة...
بأملٍ مني أن أكتشف ما نوعها.. ومن أي فصيلة من فصائل الزهور تنتمي...
وجدتها زهـرة يانعــة.. مُزخرفـة بألوان عديدة زاهيـــة... ولكنهــا...
مطوّقــة بأشـواكٍ غــارزة.. والذبــول متواجد كالدّخيـل على أوراقهـا... تساءلت...
ماذا حلّ بهذه الزهرة ليأكل الذبول أوراقهـا..و الأشــواك تطوّق أرجاءَها...
بالرغم أنها من فصيلــة غريبــة ونــادرة...
عُدت لأمتّعَ نظري بالجزءِ الآخر منهــا.. ما أجمل سحر زخرفتـها وافتنان ألوانــها...
يا للعجب.. إنني أرى شيءٌ غير مألـوف في هذه الزهــرة...
إنني أرى شـراييـــن وأوردة...!
عيناي لا تكاد تصدّق ما أشاهد...فقد حجبت هذه الزهرة العجيبة كل شيء عن النظر..
وعقلي.. لم يعُد باستطاعته أن يُترجِم ما يصلُه من إشارات وعبارات...
فقط اكتفى بصدمــة.. أتمنى أن تكون مؤقّتـــة...
الآن.. بدأت عيناي باستيعاب ما يجري.. حدّقت أكثر في الزهــرة...
وأمعنتُ النظـر فيها جيّــدًا.. لأجــد أن هذه الزهــرة بالفعل لها شراييــن وأوردة...
بل إنها أيضًا متواجدة ومتوافرة عند كل شخص قبل أن يدخل النور إلى حياتـه...
جئت بنفسي.. ووجدتها بالفعل زهــرة.. هذه الزهــرة... هي قــلــبي...
الجميع امتلكها من أول وهلــة وإطلالة له في الدنيــا.. أي امتلك قلبًــا...
ولكننا للأسف لم نحافظ على هذا القلب الرقيق.. الثمين.. اليانع...
بل نهلكــه و نغــرِزُ فيــه أشــواك.. أشواك ليست مغروزة وإنمــا بـارزة أيضًا...
لتكون على أتــم الاستعـداد لوخــز أي قـلــب آخــر....
والذبـول.. يسجـن هذا القلب.. بكامل شــرّه وعمقــه...
ليجعـل المشاعر الجميـلة تذبــُل.. والصفات الحسنة لا تقوى على الإنبات والنهوض...
وما تبقّى من شيءٍ جميــل في هذا القلب.. لا يتوفّر عند معظم البشــر...
فالوفاء والإخلاص لم يصبحا يزخرفا المشاعر كما كانا من قبل...
أما الأخلاق والقِيَم الفضيلة هي رمز لفصيلة مميزة لهذه القلوب المُزهــرة...
أصبح الحـقد والأنانية والكـره كالمُغذّي الروحي المُعدي..
يجري بفخـرٍ في أوردةِ قلوبنا.. بكل جموح ورضوخ...
أما الجهــل فهو كالمــاء الذي نُسقي به أزهارنا ( قلوبنــا..)
ليغذّي أخلاقنا وحقدنا... وأنانيتنا وقــوة كراهيتنــا...
ما أجمل القلوب المُزهرة الأُخرى..التي فصيلتها أصبحت نادرة لتتواجد
في عامّة الأناس الحاضـرة...، هذه القلوب لا ذبول عندها...
فهي عنوان لنضرة المشاعر.. وزهو الأخلاق.. وفتون الصفات...
فالوفاء مكانه في الأوردة.. والإخلاص متواجد في الشرايين...
أما العطــاء..فهو كالنهــر اللا مُنتهي..يتدفّق كموجة خيــر في كل ناحية...
والحـــب.. هو الضيــف الكبيــر الذي لا يغيب عن هذه القلــوب..
فيجب أن يُسقي ويروي هذه الأزهار اليانعــة بأرقّ أحاسيسه
وأفعالــه...
أحـبـــائي..
لنــغــرس كــل مـا هــو جميــل في قلوبنــــا...
ولنقمــع كل مــا هــو قبيــح منهــم...
لنــزرع حدائـــق فاتنــة المشاعر و الصفـــات في أنـفسنــــا...
ولنجعــل قـــلـــوبنـــا أزهــارًا زاهيـــة.. لهــا شراييــن وأوردة...!